القائمة الرئيسية

الصفحات




 المنهج الوصفي أحد أبرز المناهج المهمة المستخدمة في الدراسات العلمية و رسائل الماجستير والدكتوراة ، ومناهج البحث العلمي بوجه عام تساهم في التعرف على ظاهرة الدراسة، ووضعها في إطارها الصحيح، وتفسير جميع الظروف المحيطة بها، ويعد ذلك بداية الوصول إلى النتائج الدراسية التي تتعلق بالبحث، وبلورة الحلول التي تتمثل في التوصيات والمقترحات التي يسوقها الباحث لإنهاء الجدل الذي يتضمنه متن البحث، واستخدام منهج معين في البحث يتطلب وقتًا وجُهدًا كبيرين في سبيل الوصول إلى جميع المعلومات والبيانات التي تتعلق بظاهرة البحث، وسوف نتعرف هذا المقال على تعريف المنهج الوصفي وخصائصه

يعد "فردينان دي سوير" هو المقنن والأب الروحي للمنهج الوصفي، حيث اهتم بدراسة الظواهر الوصفية أو اللغوية، هادفًا بذلك إلى التعرف على الخصائص الواضحة لها، وكان من نتاج ذلك الحد من استخدام المنهج التاريخي في الأبحاث الاجتماعية.

العرب القدامى من أوائل من استخدموا المنهج الوصفي، غير أن ذلك تم بطريقة عشوائية إلى حد ما دون تنظيم منهجي، ويتضح ذلك جليًا في الأدب العربي والأشعار في العصر الجاهلي التي اعتمدت على أسلوب الوصف، فنرى من يصف البيئة العربية بما تتضمنه من حروب وصحارى وصراعات قبلية وصفًا دقيقًا.

تطور الوضع بعد انتشار الإسلام اعتمادًا على الصرح اللغوي الضخم الذي ساقته العلوم الدينية، وظهر ذلك في المنتجات الأدبية في العصرين الأموي والعباسي... إلخ.

تطور المنهج الوصفي في الوقت الحالي، وأصبح وسيلة مهمة لدراسة الأبحاث العلمية، ومن الممكن أن نقول إن وضع الأسس العلمية للمنهج الوصفي جاء نتيجة الحاجة إلى وسائل حاسمة لتوصيف ما يواجهه المجتمع الحديثة من ظواهر ومشكلات في شتى الميادين.

 

المبحث الأول : تعريف المنهج الوصفي ونشأته

سنتطرق في هذا المبحث الى تعريف المنهج الوصفي وذلك في المطلب الأول , اما المطلب الثاني سنتحدث من خلاله عن نشأة المنهج الوصفي

 

 

المطلب الأول : تعريف المنهج الوصفي 

عرَّف الخُبراء المنهج الوصفي بأكثر من تعريف، وسنوضح أبرزها فيما يلي:

يُعــرف المنهج الوصفي كونه: "طريقة علمية يصف فيها الباحث الظاهرة بشكل كيفي أو كمي، ومن ثم طرح مجموعة من التساؤلات المُبهمة، والقيام بعملية تجميع للبيانات والمعلومات؛ من خلال مجموعة من الأفراد التي تتضح فيهم الخصائص، ومن ثم تحليلها لبلوغ النتائج والقيام بالتفسير".

عرف آخرون المنهج الوصفي على أنه: "وصف للمشكلة أو القضية بدقة، واستخدام أدوات البحث العلمي للحصول على المعلومات، واستخراج استنتاجات، وعرضها في صورة رقمية أو نوعية".

كما عرف منهجيين آخرون المنهج الوصفي بأنه: "طريقة للتحليل العلمي المتعلق بظاهرة محددة المعالم ومكررة الحدوث، وبما يساعد في بلوغ نتائج بأسلوب موضوعي، وبما يتواءم مع المُعطيات الأولية المتاحة

 

المطلب الثاني : نشأة المنهج الوصفي 

إن المتتبع للوصف تاريخ يجده مُلازمًا الإنسان؛ فعن طريقه صيغت المنظومات الشعرية كتعبير عن البيئة التي تحيط ببني البشر، أو ما يتوارد للفرد من أفكار، أو ما ينتابه من مشاعر داخلية، ويعبر عن الوصف ما هو مقروء أو مكتوب أو مصور أو مرسوم، ولقد برع الأقدمون في ذلك، ونرى جهودًا في التاريخ الإسلامي والعربي لا حصر لها، ومنهم من اتبع أصولًا منهجية وصفية أشار إليها المجددون بوضوح، فنرى الراهب "فنسنت أف بوفيه" يستعين بأقوال أبن سينا الوصفية عن "وادي النيل"، كما أشار عالم المناهج الشهير "روجر بيكون" لكثير من علماء الرياضيات والفلك المسلمين.

 ومن أبرز العلماء المسلمين الذين اتَّبعوا المنهج الوصفي كل من: الطبري، والزهراوي، وابن إسحاق العبادي، وعلي بن عباس، وأبو سعيد الأصمعي، والنضر بن شميل، وتطول القائمة.

جاءت الحاجة للمنهج الوصفي في ظل عدم قُدرة المناهج العلمية الأخرى، مثل المنهج التجريبي، والمنهج التاريخي، والمنهج الاستنباطي على تفسير الظاهرة الإنسانية، والتي يلزمها اعتبارات خاصة عند التعامل معها، وذلك لا يعني بالطبع كما أوضحنا في مقدمة بحث حول المنهج الوصفي اقتصاره على البحوث الاجتماعية والإنسانية فقط، بل هناك إمكانية لاستخدامه في العلوم الطبيعية أيضًا.

بدأ استخدام المنهج الوصفي كنظرية لها قواعد وأسس اعتبارًا من القرن الثامن عشر، وذلك على أثر قيام بعض علماء أوروبا بدراسة الإشكاليات الاجتماعية، ومن بين هؤلاء "فريدريك لوبلاي"، وذلك خلال الفترة من 1806-1882م، حيث أجرى دراسات تتعلق بطبقة الموظفين والعمال في فرنسا.

 

المبحث الثاني : مميزات و مراحل  المنهج الوصفي 

يتميز المنهج الوصفي بمميزات خاصة عن غيره والتي سنتحدث عنها في المطلب الأول , وكذلك سنتحدث عن مراحل تطبيقه من خلال المطلب الثاني .

المطلب الأول : مميزات المنهج الوصفي 

يتميز المنهج الوصفي بطريقته الواقعية في التعامل مع مشكلة البحث، نظرًا لوجود الباحث في قلب الميدان أو المكان المتعلق بالدراسة.

يعد ذلك المنهج مناسبًا لموضوعات البحث العلمي التي تدور حول الظواهر أو المشكلات الاجتماعية والإنسانية، ومن ثم الحصول على الوصف الكيفي الذي يتمثل في سلوك خارجي للظواهر، والوصف الكمي الذي يتمثل في الوصول إلى أرقام تتعلق بالمشكلة أو الظاهرة، أو أرقام لها دلالة في علاقة الظاهرة بالظواهر المحيطة.

يحد المنهج الوصفي من تدخلات الباحثين؛ لذا تظهر النتائج بصورة موضوعية؛ نظرًا لاشتقاقها بطريقة دقيقة، فعلى سبيل المثال لا يقف المنهج الوصفي على بعض الأسئلة التي تقبل تأويلات مختلفة، مثل: هل من الممكن قول....؟، فهو يهتم بما هو موجود وواضح للعيان.

يساعد المنهج الوصفي في إجراء المقارنات بين طبيعة الظاهرة في أكثر من مكان، فعلى سبيل المثال في حالة دراسة مشكلة الطلاق يمكن مقارنة الظاهرة في أكثر من دولة.

يساهم المنهج الوصفي في اتخاذ القرارات الصحيحة المتعلقة بالدراسة من خلال تقديم الإيضاحات والشروح الخاصة بها.

يمكن عن طريق المنهج الوصفي أن تتم صياغة الآراء والخبرات لوضع الخطط والتصورات المستقبلية لمواجهة بعض الظواهر الخطيرة.

 

المطلب الثاني : مراحل المنهج الوصفي 

بداية مراحل استخدام ذلك المنهج هي التعرف على مشكلة الدراسة، وبناءً على ذلك يتم تحديد كون المنهج الوصفي مناسبًا لها أم لا، وفي حالة ما إذا كانت المشكلة تتعلق بظاهرة سلوكية أو اجتماعية، مثل الجريمة أو الطلاق أو التدخين... إلخ، يصبح المنهج الوصفي طريقة فعَّالة في الحصول على النتائج الدقيقة.

يتم بعد ذلك صياغة موضوع الدراسة في شكل فرضية أو أكثر، وهي عبارة عن حلول يبديها الدارس بشكل مبدئي، وهو المتعهد بإثبات ذلك أو نفيه؛ عن طريق ما يقدمه من قرائن في البحث.

يتم تحديد عينة الدراسة أو المبحوثين الذين سوف يستعين بهم الدارس؛ للوصول إلى معلومات حقيقية حول مشكلته التي طرحها وفقًا للمنهج الوصفي، وذلك الجانب على درجة كبيرة من الأهمية، ففيه توفير للتكلفة المادية بالنسبة للباحث، بدلًا من أن يقوم بإجراء مسح شامل، وبعد دراسة العينة يمكن أن تعمم النتائج التي يتوصل إليها الباحث على مجتمع الدراسة.

في مرحلة تالية يختار الباحث أداة الدراسة التي تناسب المنهج الوصفي، مثل الاستبيان، أو المقابلة، أو الاختبار، أو الملاحظة، لجمع المعلومات، وتحتاج تلك المرحلة إلى تنظيم وترتيب واختبار الأداة الدراسية المستخدمة؛ من أجل التأكد من جدواها في الوصول للنتائج التي يود الباحث الحصول عليها.

بعد جمع المعلومات والبيانات يقوم الباحث بتبويبها وتصنيفها في مجموعات وتجهيزها لعملية التحليل؛ عن طريق الطرق الإحصائية اليدوية، أو من خلال تطبيقات الكمبيوتر.

بعد ذلك يتم تحليل البيانات، ثم يقوم الباحث بوضع نتائج البحث بشكل منظم ودقيق، وفقًا لما ساقه من براهين تم التوصل إليها عبر مراحل استخدام المنهج الوصفي.

في النهاية يقوم الباحث بوضع الاستنتاجات والمقترحات التي تساهم في حل مشكلة الدراسة.

 

خلاصة للموضوع

المنهج الوصفي هو أقرب المناهج العلمية لفطرة الإنسان، وعلى الرغم من تشبث بعض العلماء التجريبيين بوجود سلبيات في النتائج التي يحصل عليها الباحثون عند استخدام المنهج الوصفي، فإنه يبقى هو المُسيطر على مختلف تصنيفات الدراسات البحثية دون مُنازع، ويُطلق الخُبراء على المنهج الوصفي "سيِّد المناهج".

يعتقد البعض خطئًا أن المنهج الوصفي متعلق بالدراسات الاجتماعية والإنسانية فقط، والحقيقة أنه يُستخدم كذلك في تفصيل البحوث الطبيعية، ولكن بشكل غير أصيل، بمعنى استخدامه بالتزامن مع نوعيات أخرى من المناهج العلمي؛ بُغية الوصول لنتائج في أعلى درجات الصحة، وسنتناول في مقالنا بحثًا حول المنهج الوصفي.

 

 تحميله على شكل كتاب pdf

تعليقات